تخبط الشباب داخل الأحزاب

ثورة 14 جانفي التي اسقط فيها الشباب التونسي عروش الطغيان حيث هبوا كسيل جارف ذاب في داخله كل الشتات من احزاب وعائلات سياسية وحركة طلابية بمختلف توجهاتها وخلافاتها الازلية .الحراك الشبابي كان المكان المناسب الذي يمكن ان تجتمع فيه الكلمة وتغلّب فيه المصلحة العامة للوطن .فنجحت الثورة في تجاوز كل الزعامات التاريخية للمعارضة من اليمين الى اليسار وتجاوز الشباب بطهوريته كل الحواجز والاسوار التي بنتها النخب التونسية وتمترست خلفها لحماية مشاريعها التبشيرية.لكن النجاح السريع للحراك فاجئ اصحابه بخلو جعبتهم من آليات بناء المشروع وكأن ابداعهم توقف للحظة من الزمن وكانت هذه بمثابة الفرصة المنتظرة لتلتقط الاحزاب نفسها من هول ما رأت وتصوغ مشارعها المستقبلية ولو على عجل .كانت النخب القديمة الاكثر خبرة ولكن الاقل طموحا فتصدرت المشهد السياسي وفرضت نسقها فما كان للثوار الا الخضوح للمثل الشعبي التونسي (البل تمشي على كبارها)وساس الكبار البلاد بما يحملونه معهم من زاد الزمان فمرت عشر سنين بين كر وفر، مناورة ومبادرة، تراجع وانحناء، معارك قديمة اثيرت وبعض حكمة لا يمكن انكارها.اما جيل الثورة واصحابها انتشروا في جموع الاحزاب كجنود في مؤخرة الصفوف لم يكن لهم اي رأي او مبادرة داخلها تعبر عنهم فقد اكتفوا بالحدود التي رسمها زعماء الاحزاب.لم يتكون بعد وعاء حقيقي للتفكير من خارج التعبيرات السياسية القديمة، كأن الشباب بكل حيويته وطاقاته لم يستطع ان يحدث اختراق في المنظومة الحزبية تجعله يتبوأ مكانا في مواقع صنع القرار.وهذا ما يفسر عزوف جيلنا عن العمل السياسي وميل الاغلبية الى الشعور بالاحباط من الثورة ومآلاتها.في تونس وكل العالم العربي الازمة هي الانتقال الجيلي، الذي طال انتظاره فتعفنت نخبه ولم تسلم المشعل الى من بعدها، تشبثت بموقعها ورفضت حتى ان تكوّن من يستلم لاحقا.تجمدت اجسام الشباب الحارة والممتلئة بالنشاط داخل جليد الاحزاب وبيروقراطية مؤسساتها وزادهم اصرار زعاماتها على غلق الباب امام طموحاتهم يأسا على يأسهم.

مقالات أخرى

Leave a Comment